الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

رئيس تونس من الزنزانة إلى الوزارة

بعد فوزها في انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول الفارط، تصدرت حركة النهضة الإسلامية في تونس المشهد السياسي والحزبي. وبفضل تحالفها مع حزبي المؤتمر والتكتل العلمانيين، شكلت الحكومة التونسية برئاسة حمادي الجبالي الأمين العام للحركة، وبعضوية عدد من الوزراء من قيادات الحركة، وكلهم من الذين قضوا فترات طويلة في سجون بن علي، ناهيك أن الجبالي قضى أكثر من 15 سنة سجنا، منها 10 سنوات في زنزانة انفرادية.


من الزنزانة إلى الوزارة



واستقبل إطارات وكوادر وزارة الداخلية بالورود علي العريض رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة، والرجل الثالث بعد الغنوشي والجبالي، والملفت للانتباه أن الوزير الجديد سبق له أن كان معتقلا لفترات طويلة في أقبية التعذيب في الوزارة، بل إنه يعرف الكثير من سجانيه السابقين. ويذكر أن العريض، هذا المهندس عالي الكفاءة، من القيادات النهضوية التي طالت فترة سجنها، بل إنه انتقل طيلة أكثر من 17 سنة بين كل السجون التونسية من الشمال إلى الجنوب، وقد قضى أغلبها في زنزانات انفرادية.



وقد صرح عند تكليفه بهذه الحقيبة السيادية الهامة، "أنه لا يسعى للانتقام أو الثأر لنفسه، وانما يريد العمل على إصلاح هياكل الوزارة بما يجعلها قادرة على حماية البلاد، وتأمين الأمن، لأنه لا سبيل للعودة للعمل والانتاج بدون وجود أمن مستقر".



وفي تصريح للسيد هشام المدب، المكلف بالإعلام بالوزارة للصحافة المحلية، قال: "في الواقع كان لنا خيار استراتيجي يتمثل في القبول بما ستفرزه نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وقرّرنا التعامل مع أيّ وزير يتم تعيينه، نحن مرتاحون لخطاب حركة النهضة الذي نعتبره معتدلا وسلسا على عكس خطاب بعض الأحزاب الأخرى التي طالبت من خلال تصريحاتها بتطهير وزارة الداخلية و"تنظيفها"، وهو ما جعل الأعوان والإطارات تعمل تحت الضغط في وقت ما".

الإسلاميون مع المصالحة



وترسل حركة النهضة برسائل تطمينية لكل فعاليات المجتمع التونسي من نخب وسياسيين وكذلك رجال أعمال. فقد سبق أن أكد رئيس الحركة راشد الغنوشي "أنّ حزبه لا يسعى إلى التشفي من أعضاء حزب التجمع المنحل"، مشيرا إلى "ضرورة الابتعاد عن سياسة الانتقام الجماعي واللجوء إلى المحاسبة الفردية حالة بحالة".

وكان الغنوشي قد أوضح في تصريحات سابقة الى "أنّ البلاد تحتاج إلى جميع كفاءاتها، وأن "كلمة المفتاح هي الوفاق الوطني". وبين أنّ التجاذبات والاستقطاب الإيديولوجي والسياسي من شأنه أن يعطل مسار الانتقال الديمقراطي. وذلك انطلاقا من فهم وإدراك موضوعي لمتطلبات الوضع الحالي وما يتسم به من تحديات، بعيدا عن "عنتريات" الخطابات الثورية التي تركتها قيادات النهضة خلفها، وبدأت تتصرف بمنطق ضرورات الدولة. وذلك من خلال تبنيها لخيار يقوم على ضرورة التعجيل بالحلول لمشاكل البلاد وعدم تركها عالقة، بناء على تصور قوامه "التسويات المنصفة" و"السرعة والنجاعة" بغلق الملفات المفتوحة.

ويجمع كل المراقبين للشأن التونسي على أن حكومة النهضة تواجه تحديات بالجملة، ما يجعل مهمتها شبيهة بالمستحيلة. بسبب تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، بعد سنة من الثورة. وتبقي مهددة بعدم الاستقرار نظرا لما تلقاه من معارضة شديدة من قبل الأحزاب وبعض مكونات المجتمع المدني، إضافة إلى وجود خطر يهدد تواصل واستمرارية التحالف الذي يكونها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق